الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ورحمة الله للعالمين سيدنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد كان سؤالها لأخينا الداعية مفاجأة مدهشة عندما جمعهما وأباها اسانسير العمارة السكنية لشقته وشقة أبيها المتلاصقتين حيث قالت يا عمو أتمنى دخول الجنة يوم القيامة فماذا أصنع؟ وترجع دهشة أخينا إلى سابق معرفته بعمل ابنة جاره البالغة حيث إنها كابتن فريق كرة نسائية بأحد الأندية الرياضية المشهورة ولباسها الرياضي والخاص بالشباب من الذكور والمتمثل ترنج مجسم لجسدها وكوتشي فكان يستبعد أن تسأل هذا السؤال في الأساس كما كان استغرابه سابقا من حرصها على إلقاء تحية الإسلام كلما رأته ذهابا وإيابا! فوقف معهما أما شقتيهما – شاغرا فاه -وقبل قوله لها وأبيها تفضلا بادر أبوها بدعوته للدخول معهما ومع إصراره استجاب أخونا الداعية دخل معهما وبعد كرم الضيافة أتت صاحبتنا السائلة – بزى محتشم – وجلست معهما وهنا بدأ الحوار، إذ بادر داعيتنا الحبيب بقوله، ابنتي أسماء: بداية أحييك على سؤالك وأهنئك على أمنيتك الغالية التي يتمناها جميع العقلاء من الرجال والنساء شبابا وكهولا فتية وفتيات ولم لا وهي دار السلام وجنة الخلد والنعيم المقيم. فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وأعظم ما فيها على الإطلاق سلام قولا من رب رحيم يراه جل وعلا أهلها حقيقة كرؤية البدر، والسؤال عن طريقها مهم وسائله محترم ولذلك قلت لك أحييك، ولكن يا أسماء هل هناك أمل ينتظر تحقيقه بلا عمل؟ فقالت بالطبع لا يا عمو وكثيرا ما يقول لنا المدرب هذا! يا بنات لابد من العمل والتدريب بجد واجتهاد حتى نحقق نتائج طيبة! فقال أخونا على الفور كدا بدأنا الإجابة على سؤالك المهم نعم لابد من العمل والاجتهاد فيه لدخول الجنة فلا تنفع مجرد الأماني، اتفقنا؟ وهنا قالت الفتاة الكابتن! نعم اتفقنا يا عمو ولكن يعنى ايه العمل والاجتهاد فيه؟ قال الداعية: هو العمل بما يرضى الله تعالى وطاعته مع محبته بالامتثال لأوامره واجتناب نواهيه وخلاصته يا ابنتي أن تكون حياتك كلها لله وكما يريد الله وبلغ رسول الكريم صلى الله عليه وسلم – وهنا اشترك الأب في الحوار قائلا يا شيخ بصراحة فيه حاجة مضايقة ابنتي وأنا كذلك نريد توضيحا لها وهى أن كثير من السنية بيقولوا عن أسماء ابنتي وزميلاتها في الفريق والأصدقاء أنهم منحلون وفسقة وزاد بعضهم في الاتهامات الظالمة فقال إنهم أدوات لأعداء الأمة ! فهل تصدق ذلك يا شيخ رغم أنها كما أعرف عنها كابنتي تحب الله؟ وقد تعودت على النادي من صغرها – وهنا قالت الفتاة وقد اغرورقت عيناها بالدمع نعم والله انى أحب ربى كثيرا فكيف أكون فاسقة أو أداة هدم أو كافرة كما يقول البعض الآخر منهم لله.
قال الشيخ الداعية موجها حديثه الى الفتاة وأبيها : يا جماعة محبة الله من أشرف وأهم العبادات القلبية فلا يستطيع أن يجزم بها وجودا وعدما أو قوة وضعفا في القلوب إلا خالقها سبحانه وتعالى ولكن الله نصب عليها دليلا عمليا أساسيا يكون بالسلوك الواقعي في الحياة حتى لا تكون مجرد دعوى يدعيها كل أحد بلا برهان على صدقها, ألا وهو طاعة الله الرسول صلى الله عليه وسلم وإتباع أمره في كل جوانب الحياة الانسانية قدر الاستطاعة كما قال سبحانه وتعالى في سورة الأنعام عن حقيقة المسلم والمسلمة من حيث السلوك :
( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
وقال تعالى عن برهان صدق المحبة لله في سورة آل عمران: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) وقد قال رسول الله في الحديث الصحيح (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) .
وبصراحة يا جماعة هذه هي حقيقة الإسلام دين الله الذي شرفنا به وأتم علينا النعمة بإكماله لنا كما قال سبحانه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وهو معنى الركن الأساس والأول من أركان الإسلام الخمس. فاكراهم يا أسماء؟ قالت الفتاة: نعم يا عمو ثم ذكرت حديث ابن عمر (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا الاه إلا الله وأن محمدا رسول الله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا).
وهنا قال أخونا الداعية لنقف يا جماعة مع الركن الأول وهو قاعدة الدين ونتساءل ما معنى أشهد أن لا الاه إلا الله ؟ نعم معناها أقر بلساني وأعتقد بقلبي أنه لا معبود لي ومطاع طاعة مطلقة إلا الله وأن سيدنا محمدا هو رسول الله الينا لإبلاغنا بأوامر الله وبيان كيفية هذه الطاعة سواء كانت صلاة، أو زكاة أو صيام أو حج وعمرة أو جهاد أو أخلاق إيمانية واجتماعية وتربوية.
وهنا ساد الصمت جو حجرة الضيوف حتى قطعه صوت أسماء سبحان الله والله يا عمو أول مرة أسمع هذا الكلام عن حقيقة ديني وأساسه وهنا قال الشيخ الداعية والآن جاء وقت الصراحة في النصيحة فهل تقبلي بها يا أسماء أم نؤجل تكملة الحوار؟ فقالت أسماء لا لا نؤجل أيه يا عمو دانا ما صدقت صحيت من نومي وفقت من غفلتي . قال جارها الداعية نعم يا أسماء أنت في أصلك طيبة ولكن كما قلت غفلتك عن فهم صحيح الدين وبيئة الفساد بالنادي جعلتك في حياة غريبة عن حياة المسلمة غالبا، أكيد يا أسماء لو كان عندك علم مثلا بفريضة الحجاب الشرعي للفتاة المسلمة كما أمر الله بها في سورتي النور والأحزاب وبينها رسول الله في حديث أسماء لما ارتديت ذلك الثوب الغريب على الفتاة عامة والمسلمة على وجه الخصوص والذي يعتبر في هيئته تمردا على الفطرة وأوامر الله ورسوله ومن ثم مناقضا لدعوى محبة الله
وهنا وبلهفة ملحوظة قالت أسماء وكيف ذلك ؟ قال الشيخ هيا معا يا أسماء ننظر في كتاب الله حيث قوله سبحانه في سورة النور (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)
وقوله تعالى فى سورة الأحزاب (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
وكذلك قول الله تعالى في نفس السورة يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) ومن الأحاديث النبوية المبينة لتلك الفريضة الاجتماعية والخلقية الهامة ما روى عن أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها (يا أسماء اذا بلغت المرأة المحيض فلا ينبغي أن يظهر منها سوى هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ) وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) فهل يصح أو يليق بك يا أسماء الطيبة المسلمة ارتداء مثل هذه الملابس التي لا تستر عورة كما أمر الله ولا تصون كرامة القوارير وكما تعلمين فهو ملبس الشباب الذي يمثل تمردا على أنوثتك ولعنتك وتسيري به بين الناس ذهابا وإيابا ؟ يا أسما قد بينت لك ما رأيته منك كثيرا كجارتي وابنة جارى الكريم وأنت تعرفين البقية من حياة الجاهلية لهذه الفرق النسائية الحالية بتلك الأندية الرياضية وحقيقة يكتنفها الغموض من حيث ادارتها وتشجيع انتشارها في مجتمعاتنا الاسلامية بالذات لماذا؟ فأرجو منك ولك الافاقة من تلك الغفلة والخروج من هذا الجهل المركب قبل فوات الأوان وفساد فطرتك مع مرور الزمان.
وبعد تنهيدة حزينة من أسماء وذهول بدت علامته على وجه الأب قالا معا يعنى كدا كلام السنية عن ابنتي صحيح؟ هل هي حاليا فاسقة أو كافرة ؟ وبنبرة حادة وحاسمة قال الداعية بالطبع لا من يجرأ على القول بذلك لمن تقول أنى أحب الله وأتمنى دخول الجنة من حيث المبدأ ولكن لابد من توضيح الأمر والتكييف الشرعي لمخالفة أمر من أوامر الله أو أكثر وأمامنا – كمثال تطبيقي – ابنتنا أسماء فهي قبل هذا الحوار المهم والعلم بأمر الله والحجاب الشرعي بنوعيه مسلمة معذورة بالجهل سواء كان بسيطا (عدم العلم بالمرة ) أو مركبا (العلم بالأمر على غير وجهه الصحيح ) وهذا هو وصفها الحالي بحمد الله وان كنت أرجو لها التوبة من هذه المعصية .
ولكنها بعد العلم بذلك الأمر وهذا الواجب الشرعي – الذي نطبق عليه الآن كمثال لغيره – وأعنى به فريضة الحجاب الشرعي يجب عليها المبادرة بالتوبة النصوح وشراء جلباب أو عباية وخمار مع مراعاة أن يكون ذلك فضفاض لئلا يجسم وسميك لئلا يشف أي الستر للعورة – وهى جميع البدن الا الوجه والكفين – على رأى فقهي معتبر – عند الخروج من المنزل أو الظهور أمام غير المحارم وان لم تلتزم بهذا الواجب وسوفت التوبة كانت مسلمة عاصية أو فاسقة لأن معصيتها متعدية الضرر – وعند التمرد على أمر الله هذا وجحوده بعد العلم به والاستكبار عن الامتثال له كما هو حال البعض من اللاتي تعرفهن أسماء كان هذا هو الكفر أعاذنا الله من مصيره في الدنيا والآخرة أذن فحالة ابنتنا هي الحالة الأولى أرجو المسارعة الى التوبة و مغفرة الله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا الاه إلا هو إليه المصير وكفاية معايشة لبيئة الفساد فلا داعي للنادي بالمرة لفترة على الأقل حتى يستقر ايمانك حتى إذا ذهبت اليه أحيانا مع مراعاة الضوابط الشرعية أثرت أنت على غيرك هداية بدلا من أن يؤثر عليك ضلالة لا قدر الله شرح الله صدرك للإسلام ومنهجه الشامل للحياة يا أسماء وانى والله أرى منك الخير وانتظر منك ميلادا جديدا وحياة طيبة نسعد بها جميعا. وهنا قالت أسماء متشكرين جدا يا عمو إحنا طولنا عليك ربنا ما يحرمنا من كرمك هذا فما زالت هناك أسئلة أخرى احتاج إلى إجاباتك عليها فقال الداعية تكون ان شاء الله ثم استأذن للانصراف فكان في جو من الراحة والطمأنينة والحمد لله وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما